كشف حساب عن عام مضى
ها نحن نستقبل عاماً جديداً ، ونودَّع عاماً كما هي العادة .. عاماً انقضى فيه أكثر من 360 يوماً ، أي أكثر من 8000 ساعة ، أي أكثر من 500 ألف دقيقة ..
فكـم بربك من هذا الوقت قضيناه في لهو " مباح " ناهيك عن غير المباح ؟
وكم قضيناه في تـراخ وكسل ، ونوم واسترخاء ، ودنيا محضة ؟ ثم كم تبقى منها لله ورسوله صلى الله عليه وسلم ؟
لقد نبض قلبك فيه نحو 40 مليون نبضة بانتظام لا مثيل له ودقة متناهية ، فهو مبرمج بكمبيوتر على أعلى المستويات ، وصيانته ذاتية
كما شهقت فيه نحو 11 مليون شهقة ، وزفرت نحـو 11 مليون زفرة زفيراً آخذاً من الهواء أكسجينه النافع ، مخرجاً إليه كل ضار ، ولم يتوقف التنفس لحظة واحدة ، ولم تضطرب عملياته المنظمة الموقوتة ، ولو حدث هذا لتوقف المخ ، والسمع ، والبصر ، والكلام ، والعلم ، ثم قد يتوقف القلب ، وتنتهي الحياة .
فهلا سجدنا لله شكراً على هذه النعم ، وهذه الأجهزة المسخرة لخدمتنا .. بلا صيانة ولا توقف ولا كلل؟
أخي ولقد كان عليك في العام المنصرم نحو 1800 صلاة فريضة ، فكم ضيعت منها ـ بعـذر وغير عذر ـ ؟
وكم صليت منها في المسجد في جماعة ، وخشوع ، وتدبر ؟ وكم نقرتها كنقر الديكة على عُجالة والبال مشغول ؟
إن الطمأنينة ركن لا تصح الصلاة إلا به ، والله ينظر إليك في الصلاة يسمعك ويجيبك فـإذا انصرفت عنه بقلبك أو بنظرك انصرف الله عنك ..
وهل قرأت القرآن ـ بتدبر ـ 12 مرة في الاثنى عشر شهراً أو على الأقل ست مرات في العام ؟
إن لم تكن كذلك فنخشى أن تكون من الذين يشكوهم الحبيب صلى الله عليه وسلم إلى مولاه يوم القيامة ويقول " يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً " الفرقان ..
وهل وصلت رحمك ؟ فمن وصلهم وصله الله ، ومن قطعهم قطعه الله ، وهل قمت ببر والديك ؟ وهل دعوت لهما ؟ وهل تصدقت عليهما ومن أجلهما ؟ ، وهل بلّغت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو آية ؟
وهل كنت ممن ذكر الله " قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم " آل عمران : 191 ؟ ..
ثم هل فكّرت في ملكوت السماوات والأرض ؟ وفي دقتهما ؟ وكذلك هل تفكرت في نفسك وأرجعـت الأمر كله لله ، إذ لا عبادة مثل التفكر " إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب " آل عمران ، فقد ورد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال " ويل لمن قرأها ولم يتدبرها " ..
ثم هل فكرت في المسلمين الجياع ، وأنت تحضر الفاكهة والمعلبات لأبنائك ؟
وهل تذكرت الأرامـل وأنت تبيت مع أهلك ؟
وهل تذكرت يتامى المسلمين ، وأنت تلاعب ولدك ؟
وهل تذكرت المعوقيـن وأنت تجري خلف طفلك ؟
وهل تداعت لك صور المقتولين ظلماً وعدواناً هنا وهناك عندما أغمضت عينيك انطلاقاً من تمثل الحديث النبوي الكريم " من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم " ؟
لقد طويت صفحات 2009 بخيرها وشرها إلى غير رجعة وحتى يوم الدين :
ربح فيها من ربح وخسر فيها من خسر ، فهلا عاهدت الله على أن يكون حالك في عام 2010
أجدى ، وأنفع حتى تأتي في مثل هذا اليوم لتجد صحائفك أبهى وأجمل حين الحصاد نهاية العـام ؟
أحذر نفسي وإياك من " السين وسوف " فهما سبب ما نحـن فيه من تأخر وضياع ، فلنشمـر عن سواعد الجد ونعقد العزم ولنبدأ من الآن ..
من مجلة المجتمع العدد 1394