وداعاً أيها البطل

في كثير من الأحيان تذوب العواطف في بحر الكلمات ، وتتشابك الحروف بخيوط الذكريات، وتكتب الحياة بقلم الماضي لحظات العمر الباقية، وزفرات اليأس الفانية، وضحكات الغد المشرقة التي تتشظى وتتناثر تحت ظلال الأيام كتناثر الماء على وجه الأديم، ويمشي قطار الحياة معلنا بدء الرحلة بين بساتين السعادة حينا، وأشواك التعاسة والحرمان حينا آخر، وتنادينا الحياة في كل لحظة من لحظاتها إلى تمجيد أولئك الذين غرسوا في قلوبهم محبة الوطن والغيرية على ترابه واجتثوا من قلوبهم الجبن والخور, فاستحقوا بذلك الخلود في ذاكرة الأيام وذاكرتنا، واستحقوا منا أيضا أن نتابع الطريق الذي سلكوه بدمائنا وأفكارنا وأرواحنا، فهنيئا لهم هذا الخلود الأبدي والتكريم الرباني، وتعسا لأولئك الجبناء المتخاذلين الذين نسوا أرضهم، نسوا تلك الشعوب الجريحة بين قضبان الاحتلال.
إلى كل من عشق الشهادة ، إلى كل من استشهد على أرض الوطن ، إلى كل من حمل القضية في قلبه ودافع عنها بلسانه ، أقول له وتقول له الحياة : وداعا أيها البطل


وداعا أيها البطل

وكسفت من حـضن الـوجود بليـلـة بـكـت السماء عـليك فـانهال المطر
والشمس أضحت كالثكـالى تشـتـكـي ترجو القصاص ومثلها فعل الشـجر
والـطير أفعـمـهـا الرحيل بـغصـة عـزفـت حناجرهـا بـأوتـار الـقـدر
والـريـح كـلـلها السـواد لـحزنـهـا فـبـكت بـكاء الـطفل أضـناه السفـر
حـتـى إذا مـا عانـقت عبـق الــثرى مسحـت مـــن الأحداق آثار الـكدر
والأرض بــاسطـة ذراعـيـهــا مـعــا وبحـضنها سكن الشهيد وما اسبـطـر
فـدمـاؤه روت الــجبـال فـأنـضـرت وعــيـونه لـمعـت فأنـطقـت الـحجر
عـــم الــونى فمـتى تـراه سينجـلـي أيـن الـضمير الحي في قـلـب البشر!؟
أيــــن الــبسالـة والإبـاء كــأنمـا مـن قـلـبـكـم نفرت كشيء محـتـقر
هــــلا نسيـتـم يـوم كـنـتـم ســادة والـخـيـر في أحـضانكم وصل الــقمر
والــيـوم أنــتـم تـأكـلـون لــحـومكـم من خلـفكـم شـعــب يـذبـح بالقدر